وصل نبأ لصلاح الدين أن القائد الفرنجي أرناط حاكم الكرك في فلسطين قام بقطع الطريق على الحجاج المسلمين، و قتل النساء، و الأطفال، و الشيوخ، و كان يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم، و شاء الله تعالى أن يفر رجل بنفسه و يذهب إلى صلاح الدين و يخبره بما حدث، فماذا كان موقفه ؟ اعتزل صلاح الدين في بيته، و أخذ بالبكاء يومين كاملين، و هو يقول: يا رب هل تسمح لي أن أنوب عن رسولك محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ في الدفاع عن أمته ؟
و مازال يكررها حتى اليوم الثاني ثم أعد جيشه، و قال فيهم هذه الخطبة الصغيرة:
يا جند محمد ـ عليه الصلاة و السلام ـ إن أرناط حاكم الكرك في فلسطين قد تجبر و علا و قتل حجاج بيت الله الحرام، وسفك دماء الأطفال و النساء، و هو يقول: قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم، و أنا قد وهبت نفسي و روحي لأنوب عن محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ في الدفاع عن أمته، فمن أراد الذهاب معي فليلحقني..
" />
فقال جنده جميعاً بصوت واحد:
كلنا فداء لرسول الله..
و عندما دارت المعركة، معركة حطين و انتصر فيها صلاح الدين و أُسر أرناط، قال صلاح الدين له: أنت الذي قلت قولوا لمحمدكم أن يدافع عنكم ؟ قال: نعم..
فأجاب صلاح الدين:
"و أنا العبد الفقير الذي تراه أمامك قد ناب عن رسول الله في الدفاع عن أمته"
فقصّ رأسه.